فيلم ''عصيان'' للجيلاني السعدي: عبث تونس الطّبقيّة ما قبل الطّوفان...
احتضن السجن المدني بالقصرين، اليوم الخميس 4 نوفمبر 2021، عرضا لفيلم "عصيان" للمخرج التونسي الجيلاني السعدي، في إطار أيام قرطاج السينيمائية، داخل عدد من السجون التونسية.
وعالج السعدي عبر عصيانه قضايا عديدة متشعّبة، راوحت بين حلم العدالة الاجتماعية المنشود لدى عدد من شخصيات الفيلم، وبين طموح جزء منهم إلى عودة الديكتاتورية بطريقة أو بأخرى، لكن القاسم المشترك بين كلّ المتفاعلين في الفيلم، هو انتمائهم الطبقي إلى نفس الشريحة التي تلامس الهامش وتعانق القاع بأساليب مختلفة.
وجالت بنا أفكار السعدي بين أحياء التونس الشعبية، لتعود محمّلة بمآسي ذلك المجال التوّاق للثورة والتحرّر، ومن بين المشكلات العائلية التي تتراوح بين العقوق والعلاقات الزوجية المتوترة وعالم الجريمة، ارتسمت المشاهد لتروي سردية أحلام وردية في رحلة بحث عن الذات انتهت بطوفان هزّ كل تونس في عمق فترة الاحتقان. فالفيلم صُوّر في ديسمبر الماضي فترة الاحتجاجات الشعبية، وحاكى حالات التمرد في مجال لا يزال يتحسّس خطواته نحو حياة كريمة، عادلة مع الأثرياء أو البؤساء.
واللافت للنظر في عصيان السعدي، هو الأداء الكبير الذي قدمته الممثلة الشابة أمينة مطيري في أول فيلم تشارك فيه، وتفوز بدور البطولة بين مشاهده.
من جانب آخر، كان بإمكان المخرج البحث عن أفكار أخرى لجمع شخصيات عمله في مكان موحّد، قبل انطلاق رحلتهم، بصورة منطقية يتقبلّها عقل الجمهور والنقاد، بعيدا عن الإسقاط اللاعقلاني التي برزت في عدد من المشاهد.
باختصار "عصيان" هو إحدى تجليات فلسفة العبث في تونس ما قبل الطوفان الذي أفنى به المخرج المكان والزمان والشخصيات في نهاية عمله الإبداعي.
برهان اليحياوي.